عواملٌ عدّة، جمعت الشبكات الأربع والجمعية الألمانية لتعليم الكبار. فقد كانت هناك الإرادة القوية من الشبكات العربية الإقليمية، التي تتنوع في مجال اختصاصها واهتمامها التربوي، ولكن يجمعها الهم المشترك نحو تطوير جهود تعلم وتعليم الكبار في العالم العربي، بالإضافة إلى الالتزام المادي والمعنوي الذي أظهرته الجمعية الألمانية لتعليم الكبار كداعم وكشريك. كما ساهم في تعزيز الفكرة، العمل المشترك على تطوير الأكاديمية العربية لتعلم الكبار والتنمية كبرنامج متفرد أخذت هويته الأساسية في التمحور خلال جولته الأولى في جرش عام 2015. في الوقت الذي كان فيه مجرد اللقاء العربي شبه أعجوبة، برزت الأكاديمية العربية في جرش على مدار أسبوعين من الزمن ولعبت دوراً كبيراً في تعميق التفكير والتفاعل وانصهار الأفكار وتعميق المعرفة الشخصية و”المعرفة المعرفية” في ذات الوقت. على أهميته، لم يكن اللقاء النوعي وحده النتيجة للأكاديمية، بل كذلك أدت الأكاديمية العربية إلى مستوى أكبر من التشبيك الذي كان بمثابة إثراء مهم لعمل الشبكات الشريكة وهو الأمر الأهم. وقد تطورت فكرة قوية هي الحاجة لتعميق وتجديد مقاربتنا لتعلم وتعليم الكبار، في سياق الوطن العربي الذي تملؤه التحديات الخاصة والقضايا الكبرى المشتركة من جانب آخر، ومع تسارع التطورات في الحوار من جانب آخر برزت قضية غياب الوعي العربي الشعبي بالمستوى العالمي من العمل على تطوير تعلم وتعليم الكبار، رغم العلاقة والعمل الحثيث بين الشبكات العربية والجهات الدولية مثل الجمعية الألمانية لتعليم الكبار كمنظمة عالمية لتعليم الكبار والمجلس العالمي لتعليم الكبار والحملة العالمية للتعليم. والأهم من ذلك كله، هو المستوى المختلف الذي عززته الأكاديمية العربية لتعلم الكبار والتنمية حول قضية التجديد الذي يحتاج لكل ما ذكر سابقاً من عناصر حتى يبدأ بالتحقق.
وتأتي الأكاديمية العربية لتعليم الكبار بإطار سلسلة من المؤتمرات حول مواضيع التشاركية التعلمية في الوطن العربي. وتتم تأطير النتائج كمنشورات وتعتبر الركيزة التي تنظم المؤتمر التالي. هذه المؤتمرات تتضمن خرط المشاركين في تبادل الخبرات، والتعليم الإلكتروني، ندوات عبر الإنترنت، تجميع المنشورات والمصادر، وإمكانية التشبيك.
ساعدت الأكاديمية في فهم ضرورة تجديد النهج التعليمي في مجال التعلم غير الرسمي في المنطقة. وتسعى لمناقشة وتجميع العناصر الرئيسية لهذا التجديد، مما ساهمت الى زيادة قدرة المشاركين على دمج عناصر التجديد هذه في عملهم اليومي.
كما أن الشبكات العربية، والإقليمية الشريكة، والجمعية الألمانية لتعليم الكبار، قد نفذت على مدار السنوات الخمسة الماضية برنامج الأكاديمية العربية لتعليم الكبار والتنمية، بمشاركة أكثر من 200 من التربويين والخبراء وميسري تعلم الكبار من مختلف الدول العربية. ويعتبر هذا البرنامج النواة التي ينطلق منها البيت العربي “عهد”. وكان هذا البرنامج قد ركز على تدريب ميسري تعليم الكبار، في إطار إبراز أهمية التعلم كنهج مدى الحياة، والعناية بقيم المشاركة والفكر التحرري الناقد، وتبادل المعارف، والخبرات، والنماذج الملهمة، وصولاً إلى التنمية وتحسين نوعية الحياة.